وجد بحث حديث أن الأطفال الذين يحجمون عن النظر في عيون الناس يمكن أن يظهروا علامات مبكرة على الإصابة بمرض التوحد. وتبين أنه يمكن تحديد بوادر الحالة في وقت مبكر يصل إلى الأشهر القليلة الأولى من عمر الطفل.
استخدم العلماء تقنية تتبع العين لقياس طريقة نظر واستجابة الأطفال الرضع للإشارات الاجتماعية. وأظهر الأطفال الذين تم تشخيص إصابتهم بالتوحد في وقت لاحق انخفاضاً في الميل لملاحظة نظرات الآخرين من سن شهرين فصاعداً.
وقال الدكتور آمي كلين مدير مركز ماركوس للتوحد في أتلانتا بالولايات المتحدة "وجدنا انخفاضاً مطرداً في الانتباه إلى عيون الآخرين من سن شهرين حتى 24 شهراً لدى الأطفال الرضع الذين جرى لاحقاً تشخيص إصابتهم بالتوحد".
أولاً: هذه النتائج تكشف عن أن هناك اختلافات قابلة للقياس والتحديد موجودة بالفعل قبل سن ستة أشهر. ثانياً: لقد لاحظنا انخفاضاً في تثبيت العين مع مرور الوقت، وليس غياباً صريحاً لذلك.
ويمكن لهذين العاملين إحداث تحول كبير في الاحتمالات الخاصة بالاستراتيجيات المستقبلية للتدخل المبكر. والتوحد هو مصطلح شامل لمجموعة من مشكلات النمو التي تضم المهارات الاجتماعية والتواصل، والتي يمكن أن تكون متوسطة أو معطلة بدرجة كبيرة. ويؤثر على حوالي 600 ألف شخص في المملكة المتحدة.
وقد حذر العلماء أن ما شاهدوه لم يكن مرئياً بالعين المجردة، لكن يمكن فقط قياسه باستخدام معدات متخصصة. من المؤكد أنه لا يجب على الآباء أن يتوقعوا أنه يمكن رؤية ذلك بدون مساعدة التكنولوجيا"، كما قال دكتور وارن جونز رئيس فريق البحث ومدير قسم الأبحاث في مركز ماركوس للتوحد.
وأضاف "لا ينبغي أن يشعر الآباء بالقلق إذا لم يقم الرضيع بالنظر في عيونهم باستمرار. لقد استخدمنا تكنولوجيا متخصصة جداً لقياس الاختلافات في النمو، والتي تحدث بمرور الوقت، بالطريقة التي يرى بها الرضع مشاهد محددة جداً من التفاعل الاجتماعي".
قبل أن يتمكن الأطفال من الزحف أو المشي، فإنهم يقومون باستكشاف العالم بشكل مكثف من خلال النظر إليه، ومراقبة الوجوه والأجسام والأشياء، وكذلك عيون الآخرين أيضاً. ويلعب الاتصال بالعين دوراً رئيسياً في التفاعل والنمو الاجتماعي. وفي الدراسة، كان الرضع الذين تضاءل لديهم الاتصال بالعين الاتصال بسرعة أكبر هم أيضاً الأكثر تأثراً بمرض التوحد في مرحلة لاحقة من حياتهم.
وقال الباحثون إن تحديد الأطفال الرضع المعرضين للخطر في هذه السن المبكرة يمكن أن يساعد على التدخل الناجح من خلال البناء على مستويات العين الاتصال الموجودة. وقال جونز "لقد أثبتت الجينات الخاصة بالتوحد أنها معقدة جداً. من المحتمل أن عدة مئات من الجينات تشترك في الأمر، وكل منها يلعب دوراً في جزء صغير فقط من الحالات، ويساهم في وجود الخطر بطرق مختلفة في الأشخاص المختلفين. وتكشف النتائج الحالية إحدى الوسائل التي يمكن من خلالها أن يتحول هذا التنوع الجيني إلى إعاقة في وقت مبكر جداً من العمر. وستتركز خطوتنا التالية على توسيع نطاق تلك الدراسات عبر دراسة عدد أكبر من الأطفال والجمع بين قياس تتبع العين وبين قياس كل من التعبير الجيني ونمو المخ".