يشعر كثير من الآباء بالقلق بسبب نوبات الغضب التي يصاب بها أطفالهم، وتشير دراسة حديثة إلى أنهم قد يكونون محقين في قلقهم. وقال باحثون بهذا الخصوص إنه بإمكان الأمهات أن يعرفن في سن مبكرة ما إن كان أطفالهن سيصبحوا أشخاصاً بالغين معاديين للمجتمع أم لا.
وأكدوا أن السلوك السيئ مثل القسوة على الحيوانات والأنانية وعدم الشعور بالشفقة لدى أطفال لا تتجاوز أعمارهم الثلاث سنوات بمثابة إشارة إلى استمرار السلوك السيئ مدى الحياة، وهو ما يتطلب التدخل الفوري.
ووجد العلماء أن تلك الصفات يمكنها أن تتطور بسبب منطقة ذات نشاط مفرط في المخ، إلا أنه يمكن تغيير ذلك عن طريق تقديم الدعم والتربية الفعالين. وقال عالم النفس الدكتور لوكا هايد "حين يكذب الأطفال أو يغشون أو يسرقون، فإن الآباء يتساءلون بشكل طبيعي ما إن كان سيتخلص أولئك الأطفال من ذلك عندما يكبرون أم لا".
وأكد أن الصفات المزعجة يمكن أن تتحول إلى "اضطراب سلوكي" كامل في مرحلة البلوغ. وأضاف "يشكل انتشار اضطراب السلوك مدى الحياة نسبة تقدر بحوالي 10 في المائة، بل وأعلى من ذلك لدى الذكور والأشخاص ذوي الدخل المنخفض. وتكون التكلفة الإجمالية التي يتحملها المجتمع نتيجة ذلك تكلفة هائلة، لأن هذه السلوكيات غالباً ما تكون مزمنة ودائمة خلال سن البلوغ".
وقد قام الدكتور هايد وفريق من جامعات ميشيغان وديوك وبيتسبرغ وغيرها من المؤسسات بدراسة الصلات بين البيئة والبيولوجيا لمعرفة كيف تتحكم تلك الصلات في السلوك في مراحل الحياة التالية.
اختار الباحثون بعض الصفات من مرحلة الطفولة من أجل تحديد الأشخاص الذين يرجح أن يتصرفوا بطريقة معادية للمجتمع عندما يكبرون. وشملت تلك الصفات القسوة تجاه الحيوانات، عدم الشعور بالذنب بعد التصرف بشكل خاطئ، السرقة، الكذب، الأنانية ورفض التصرف بشكل صحيح بعد العقاب.
وقال دكتور هايد "إن نتائج هذا الاختبار تصبح بلا أهمية حقاً حتى سن ثلاث سنوات أو ثلاث سنوات ونصف.فقبل ذلك، تكون الكثير من هذه السلوكيات عادية إلى حد ما، ولا تساعد على التكهن بأي شيء. ولكن إذا ظل الأطفال يتصرفون بهذا الشكل بعد سن الثالثة، فمن المرجح أن يسوء سلوكهم في السنوات التالية بدلاً من أن يتحسن".
وأوضح دكتور هايد أن الأطفال يمكن أن يتحسنوا إذا تم تدريب أولياء أمورهم على التعامل مع مشكلاتهم السلوكية وقضوا وقتاً إيجابياً معهم وتجنبوا العقوبات البدنية وعملوا على مكافأة السلوك الجيد.
وقال "إن الآباء بحاجة إلى معرفة أن التدخل يحقق نتائج جيدة، خاصة إذا تم في وقت مبكر. يجب عليهم التدخل لتقديم المساعدة إذا رأوا دلائل على وجود مشكلات. فعلماء النفس السريري، من بين متخصصين آخرين يعملون في هذا المجال، يؤيدون استخدام هذه الأساليب الفعالة تماماً بالنسبة للأطفال، خصوصاً في هذه المرحلة العمرية".
قام الفريق بفحص منطقة في 'الجهاز البدائي الحوفي' تسمى اللوزة، والتي تتحكم في مشاعر الخوف وغيرها من 'العواطف الحشوية'، وقد تم الربط بينها وبين السلوك المتسرع العدواني، وكذلك اضطرابات القلق والاكتئاب.
وتابع هايد "تقول الأبحاث السابقة إن هذه اللوزة تصبح مفرطة في رد الفعل، ربما نتيجة كل من الجينات والخبرة. وبمجرد أن تصبح مفرطة في رد الفعل، يميل الناس إلى التصرف بشكل قلق ومفرط في ردود الأفعال تجاه الأمور التي ينظرون اليها باعتبارها تمثل تهديداً محتملاً".
وأكمل "لقد وجدت دراستنا أن هذا الميل يهدأ نتيجة بيئة الشخص، بما في ذلك الدعم الاجتماعي التي يحصل عليه. وإذا لم يحصل الأطفال على الدعم من الأسرة والأصدقاء والجيران، أو من المتخصصين، فإن العلاقة بين اللوزة والسلوك القلق تصبح أقوى بكثير".