الحلقة 2
اتصلت به كى تسأله....أتاها صوته اكثر وضوحا من الاتصال السابق..بادرها قائلا
"كنت لسه هكلمك"
"وانا نسيت اسألك اهم سؤال"
"معلش من فرحتى نسيت اقولك العنوان"
"عنوان ايه؟؟ مش هو ده اللى عايزة اسألك عليه...احنا هنروح فين؟ شقة حد تعرفه؟"
"اكيد يعنى شقة حد اعرفه... ماهو انا لو عندى شقة مكنتش مامتك حطت لى العقدة فى المنشار"
"تانى ماما... ماهى قالت لك أَجر وانت قلت لأ"
"خلاص ميجيش منه دلوقتى... ركزى معايا فى العنوان"
"قبل العنوان...شقة مين؟"
"شقة عمى...وسرقت المفتاح من ابويا"
"وعمك فين؟"
"هو تحقيق؟"
"اومال عايزنى اجى معاك وانا مش عارفة حاجة؟"
"مسافر والمفتاح بيكون مع ابويا علشان لو حصل اى حاجة فى الشقة...خلاص ارتاحتى؟"
"وهنطلع ازاى والجيران؟"
"لما اشوفك هقولك.. لسه عندك اسئلة تانى؟"
لهجته كانت حادة... تفيض بعدم الصبر والملل...ردت ولا يزال القلق ينهش عقلها
"خلاص ... قول العنوان"
استمعت بهدوء وتركيز للوصف التفصيلى الذى وصفه... وانهت المكالمة... واخذت حقيبتها وخرجت من الباب بكل هدوء وهى تتلفت حولها.
********************
بعدما انهى مكالمته معها... جلس على المكتب المجاور لسريره... اخرج ورقة من درج المكتب... كتب فى وسط السطر
"عقد عرفى" تلاه بعض السطور التى تفيد بالزواج العرفى...وكتب فى اسفل الصفحة توقيع الشهود... وكتب بيده اسماء وارقام بطاقات وهمية وليدة اللحظة... وترك توقيع الزوج والزوجة خاليين
طوى الورقة... وابتسم بظفر وهو يضعها فى محفظته.
********************
جلست والدتها مع زميلاتها فى العمل... تشرب من كوب الشاى امامها وهى تتحدث معهن
دخلت احدى الزميلات من مكتب اخر.. وقلت بلهجة مازحة
"ازيكم يا ستات"
رددن عليها جميعا... فقالت وهى توجه حديثها للجميع وتمسك بورقة وقلم بيدها
"فيه عروسة فرحها الخميس الجاى... كل حاجة خلصت ولسه البوتاجاز... جمعت الفلوس ولسه 200 جنيه.. يارب اكملهم من عندكم"
ردت احدى الزميلات
"استنى على القبض"
ردت الزميلة" ونرُد المحتاجة اللى جوازها مش هسيتنى... اللى تقدر تجيب اى حاجة تجيبها ...خلونا نستر اليتيمة"
امسكت بعضهن بحقائبهن... اما هى – الأم – فهى تعلم تماما ما تملكه للايام الباقية حتى موعد راتبها وبعده معاش زوجها
حسبت حسبة سريعة فى رأسها ...ثم اخرجت من حقيبتها خمسون جنيها وأبقت مائة وهى تفكر هل المائة ستكفيها...ولكنها ردت بحسم على نفسها "ما نقص مال من صدقة" ربنا يبارك فى اللى باقى
اطبقت يدها على الورقة المالية وهى تعطيها لزميلتها وتدعو لليتيمة المجهولة بالسعادة.
**********************
اثناء جلوسها فى المترو ... والذى كان مزدحما الى حد ما... جلس قبالتها رجل خمسينى... يجلس بهدوء ينتظر محطته
مازالت الافكار تملأ رأسها... والخوف يتملكها... نظرت للرجل نظرة عابرة ثم عادت تنظر له من جديد
تشك انها تعرفه... يبدو انه لايعرفها... وهى لا تتذكر من هو ولا اين رأته من قبل؟؟ لكنها على يقين انها رأته من قبل وتحدثا
تتذكر شكله ولكنه كان مختلفا...يبدو انها رأته منذ زمن
أخذها الرجل من افكارها لتفكر به... ظلت تحاول التذكر ولكن دون جدوى
نزل الرجل محطته قبلها... وهى تفكر اين تكون قد رأته؟
والد احدى صديقاتها... لم تصل لشئ
احد مُدرسيها فى مرحلة سابقة...لم تصل لشئ
وصلت محطتها ونزلت دون ان تصل لما يريح ذهنها
قابلت حبيبها فى محطة المترو كما اتفقا... تكلما قليلا فى كلمات قليلة
"انا همشى وانتى ورايا بالظبط... هطلع العمارة واسيب الباب موارب كأنه مقفول... انتى ادخلى ورايا على طول واقفلى بالراحة"
مشيت خلفه كالمسحورة وهى لازالت تفكر بالرجل
صعد احدى العمارات فصعدت خلفه... رأت الباب الموارب فدخلت وأغلقته بهدوء كما قال
استقبلها فاردا ذراعيه
"وحشتينى"
ترددت قليلا... ثم قالت
"اللى خلانا نستنى كل ده... يخلينا نستنى شوية... فين العقد؟"
اخرج الورقة من محفظته وهو يبتسم
"انتى مش واثقة فيا بعد كل ده... اهو يا ستى الورقة وامضاء الشهود بارقام بطايقهم كمان... اتطمنتى"
قرأت الورقة قراءة سريعة... هزت رأسها
قال لها وهو يشير لاحدى المقاعد
"اقعدى"
"جلست وجلس جوارها... امسك قلما ووقع على الورقة واعطاهما لها كى توقع هى ايضا... ترددت قليلا... حثها على التوقيع
"يالا بقى"
كتبت اسمها بخط مرتعش متردد وقلب يرتجف
امسك يدها وقبلها..وهو ينظر فى عينيها
"مبروك يا حبيبتى"
نهض من مجلسه... وهو يشير على يمين الصالة
"هدخل الحمام بسرعة واجيلك... اوضة النوم هنا على اليمين"
هزت رأسها... سبقها للحمام..ونهضت وهى تمسك بحقيبتها لتتجه لغرفة النوم