لاشك أن الغريزة الجنسية من أقوى غرائز الإنسان وأعنفها وأعمقها، وإذا لم تشبع وتُصرف انتابت الإنسان كثير من الاضطرابات والمقلقات وتحولت حياته إلى جحيم لا يطاق، لذلك كان الزواج الوسيلة الوحيدة والمدخل الطبيعي لإشباع هذه الغريزة وإروائها ، ففيه تسكن النفس ويهدأ البدن من الاضطراب ويرتفع عنه القلق ، ويخلد إلى التوازن ولا يقدر إنسان سوي أن يكبت هذه الغريزة أو يتحكم فيها تحكما كليا ، سواء في ذلك الرجل أو المرأة ، إلا إن تُصرف عبر السبيل المشروع لصرفها وإشباعها ألا وهو الزواج .ولتوضيح أهمية هذه الغريزة في حياة الإنسان نسوق قصة الصحابي الجليل عثمان بن مظعون t لتبيان مدى صدق الحقيقة التي نحن بصدد توضيحها وبيانها .
كان سيدنا عثمان رجلا منقطعا للعبادة يصوم نهاره ويقوم ليله حتى أدى به الحال ذات يوم أن يتخلص من نداء غريزة الجنس فيه ، لقد دخل الرسول e ذات يوم على زوجه عائشة فوجد عندها بعض النسوة وبينهن امرأة شاحبة الوجه تظهر عليها علامات الحزن والاكتئاب والحسرة من شدة ما تعانيه ، وسألe عائشة عنها ، قالت : إنها زوجة ابن مظعون وهو مشغول عنها بالعبادة – أي انه لا يؤدي حق أهله عليه ، ولقي رسول الله e عثمان فقال له : أما لك بنا أسوة ؟ فرد عثمان بأبي أنت وأمي وماذا ؟ قالe : تصوم النهار وتقوم الليل .. قال: إني لأفعل ، قال e :” لا تفعل .. إن لجسدك حقا وإن لأهلك حقا” ، ويسمع عثمان النصيحة ويؤدي حق أهله عليه، وتذهب زوجته إلى بيت النبيe بعد أن تغير حالها وسكنت نفسها وهدأ القلق ، لقد تحول حالها كله إلى بهجة وسعادة حتى سألها النسوة عن سبب ذلك فقالت لهن : أصابنا ما أصاب الناس .
إن الجنس في حقيقته جزء من الحياة وعنصر من عناصرها لاغنى عنه ، إذ هو الأداة الوحيدة لإشباع الحاجة الغريزية التي فطرت عليها المخلوقات . وإنه من حق الرجل والمرأة أن يحصل على قدر من المتعة التي من شانها أن تهذب السلوك ، يقول الإمام الغزالي :” النكاح بسبب دفع غائلة الشهوة مهم في الدين ، فإن الشهوة إذا غلبت ولم تقاومها قوة التقوى ، جرّت إلى اقتحام الفواحش وإليها أشار بقوله عليه السلام :” إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ” .
وندرك أهمية الجنس في حياة الإنسان عندما نرى كثيرا من الزيجات انهارت لسبب بسيط وهو فشل الأزواج في إدراك حقيقة ما يعنيه الجنس بالنسبة لكل واحد منهما ، ذلك أن الجنس يعني الكثير بالنسبة للزوجين .
أما بالنسبة للزوج فهو : يشبع غريزته الجنسية لان الذكر في معظم الكائنات الحية يتمتع بغريزة جنسية أقوى وهذا على عكس المرأة التي تبدو غريزتها أقل تنبيها من غريزة الرجل – هذا لا يعني أن غريزتها ضعيفة – وللدلالة على ذلك أن كل سنتمتر مكعب من السائل المنوي عند الرجل يحتوي على 60 مليون حيوان منوي وحيث أن الرجل يقذف بين 3 و5 سنتيمترات مكعبة في كل اتصال جنسي ، وفي الوقت نفسه يستطيع أن يكرر هذا الاتصال بين مرتين إلى خمس مرات في اليوم الواحد ، إن هذا الكم الهائل من الحيوانات المنوية الذي ينتجه جهاز الرجل التناسلي إن لم يصرف فانه يسبب ضغطا نفسيا وجسديا لا يطاق ولا يحتمل ، إن الزوجة المحبة المتجاوبة جنسيا مع زوجها يمكن أن تكون معينة كبيرة له على تحقيق الإشباع الغريزي ، والتغلب على كل الاغراءات التي يمكن أن تصرف قلبه وفكره عنها ، وهذا الإشباع الغريزي يزيد من محبة الزوج لزوجته وهذه المحبة لا يمكن أن تنشأ بينهما طالما أن علاقتهما الجنسية غير مشبعة .
واما بالنسبة للزوجة : فيشبع أنوثتها ويطمئنها من جهة حب زوجها لها وهذا احتياج أساسي أكثر عمقا في المرأة منه في الرجل ، ولو أدرك الرجال هذا الاحتياج لدى زوجاتهم لاستمتعوا كثيرا بالجلوس مع زوجاتهم ، وإنه لمن الصعب جدا على المرأة أن تهب حبها وتجعل أنوثتها العارمة لرجل لا يشبع احتياجها الأنثوي والعاطفي .
ونخلص من هذا كله إلى مدى أهمية الجنس في حياة الإنسان وأن كلا من الرجل والمرأة له احتياجات جنسية ينبغي أن تشبع في الزواج ، وبالتالي فكل من الشريكين منهي عن رفض إشباع احتياجات شريكة الجنسية وأنه عندما يتزوج الإنسان فهو يهب شريكه حق التسلط على جسده والتمتع به .