تفكيك خطاب التطرف في افتتاحية مؤتمر "نقض أسس التطرف ومقولاته" بالمغرب

انطلقت الندوة العلمية الدولية، التي تنظمها الرابطة المحمدية للعلماء في المغرب، بشراكة مع مكتبة الإسكندرية، حول موضوع "في نقض أسس التطرف ومقولاته.. مقاربات وتجارب"، صباح أمس، في العاصمة المغربية "الرباط"، وتستمر لمدة يومين.

شهدت الجلسة الافتتاحية، كلمة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الدكتور أحمد العبادي، وكلمة الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير عام مكتبة الإسكندرية، الدكتور عبدالفتاح عبدالغني محمد العواري، عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر.

وأشار العبادي، إلى أن المقاربة الأمثل للنظر في ظاهرة التطرف، هي البدء بتفكيك الخطاب لدى تلك التنظيمات ومقاربته، مضيفا: "الجماعات المتطرفة اختطفت 4 أحلام كانت في مجالنا وحوضنا الحضاري خلال الـ150 عاما الماضية، وهو ما عبر عنه الإمام الكواكبي في كتابه (أم القرى)، وكذلك ما جاء به العلماء، بدءا من جمال الدين الافغاني وتلميذه محمد عبده ومحمد رشيد رضا".

ولفت أمين العام الرابطة المحمدية للعلماء، إلى أن الاختطاف يبرز في أسماء تلك التنظيمات، التي تحمل أسماء جامعة وموحدة للأمة، لتغرير الشباب واستقطابهم تحت رايتها، متابعا: "داعش" نجح في تسويق نفسها بين أوساط الشباب، على أنه القادر على استعادة الخلافة وتحقيق حلم الوحدة قولا وعملا، ما أكسبه قدرة على التعبئة، إلى جانب حلم الصفاء بزعمهم أنهم جاءوا ليطهروا الدين من البدع والرجوع بالدين إلى أصوله، مثلما روجوا لتحقيق حلم الكرامة، ذلك الحلم الذي له مغناطيسيته وجاذبيته العالية.

وأوضح العبادي: "التنظيمات الإرهابية جاءت بفكرة الخلاص، وهو في مفهومهم تحقيق خطاب الجنة والقصور والشهادة، باعتبارها عناوين لها جاذبية براقة"، متابعا: "قضايا مهمة كالوحدة، يجب أن ترفق بمؤشر وعناصر القياس على مدى نجاح أو إخفاق مشروعها، وألا تترك دون مؤشرات للقياس وآلياته، ليتم ترويجها والاحتجاج بها دون شعارات، لأن الشعارات لا طائل منها".

وقال أمين العام الرابطة المحمدية للعلماء: "الاجتهاد والتأويل عند علماء المسلمين له آلياته، مثل علم الدلالة وعلم الموازنات والترجيحات، باعتبار أن العالِم ليس ذلك من يميز بين الخير والشر، لكنه من يميز بين خير الخيرين وشر الشّرين، ولا بد من عمل جميع المؤشرات لقياس مدى صحة هذه الدعوة، حتى لا تترك الأمور في إجمالها".

ودعا العبادي، إلى ضرورة توفير آلية حقيقية بين الدول الإسلامية، لتبادل الخبرات واتساق التعاون واتساعه لمحاربة الفكر المتطرف، وإيجاد البدائل للكثير من الأدبيات المطروحة في بلادنا، لاسيما الموجهة للشباب والأطفال، من خلال التركيز على التكوينات ونوعية البرامج المقدمة.

وفي سياق متصل، اعتبر الدكتور إسماعيل سراج الدين، أن اختيار موضوع المؤتمر جاء إدراكا لخطر التطرف الذي أصبح موضوع الساعة، متسائلا عن مورد التطرف والمتطرفين، ولماذا باتت مجتمعاتنا تموج بالمتطرفين وتنضح بخطابات وممارسات التطرف، حيث أكد سراج الدين، أن الإسلام الذي أقره الله هو الإسلام الوسطي، بمبادئه وتعاليمه وقيمه، التي تدعو إلى احترام الكرامة الإنسانية وصونها وحفظها، مستشهدا في ذلك بسنة محمد عليه الصلاة والسلام وسيرة أصحابه وخلفائه.

وعن أسباب سقوط الشباب العربي في براثن الفكر المتطرف، أشار مدير عام مكتبة الإسكندرية، إلى أن "زيادة نسبة الفقر والبطالة وأعداد المتسربين من التعليم، بحثا عن عمل يقتاتون عليه، وما يترتب على ذلك من ارتفاع نسبة الأمية وانتشار الجهل، إضافة إلى غياب العدالة الاجتماعية وانتشار آلاف المحطات الفضائية، التي تسببت في فوضى دينية في مجال الفتاوى الفقهية، كل ذلك يمثل تربة خصبة لانتشار الشائعات والخرافات التي هي وقود نار التطرف والغلو".

أما عن سبل الخروج من أزمة التطرف الراهنة بناء على رؤية مستقبلية، اعتبر سراج الدين أنه من الضروري التفكير في طرق جديدة؛ لوضع استراتيجية ثقافية شاملة لإطار العمل الاجتماعي والثقافي على نحو متكامل، وإرساء مبدأ التعددية وثقافة قبول الآخر والانفتاح عليه من خلال إحياء حركة الترجمة إلى العربية، سواء تعلق الأمر بالعلوم أو الإنتاج الفني ممثلا في الفنون التشكيلية والشعر المسرح والسينما وبرامج التلفزيون.

واختتم سراج الدين، قائلا: "السياق الحضاري في القرن الـ21، يقتضي ضرورة بناء خطاب إسلامي يتوافق مع هذا السياق"، معتبرا أن ذلك لن يتأتى إلا بالدرس والاستعانة بمعطيات العلوم الإنسانية المعاصرة، فعلم الإنسان الأنثروبولوجيا واللسانيات وطرائق النقد الأدبي، كلها أدوات طورت النظرة إلى فهم المجتمعات، وتعطي أبعادا غير مسبوقة لفهم النص القرآني ومعطيات القيم الإنسانية في الإسلام.

يذكر أن الندوة العلمية التي تشهد مشاركة مجموعة من الأكاديميين والباحثين من مصر والمغرب والسعودية والبحرين وموريتانيا وبريطانيا، تأتي تعزيزا للمبادرات التي تستهدف تجلية جوهر الدين وتنقيته من الشوائب التي يلصقها به المتطرفون والمبطلون والجاهلون، حيث يسعى المشاركون بمختلف تخصصاتهم، لإيجاد مقاربة نقدية للأسس التأويلية والاستنباطية التي يقوم عليها خطاب العنف والتطرف.

شكرا على الخبر يا قمر

» تفكيك عبوة ناسفة في محيط قسم ثالث العريش
» غضب بين مسلمى أمريكا بسبب برنامج الـFBI لمكافحة التطرف
» خطاب السيسي رسالة واضحة مفادها أمان وربحية الاستثمار في مصر
» كيف تناول إعلام الإخوان مؤتمر مصر الاقتصادي
» يسرا وإلهام شاهين تعتذران عن مؤتمر جائزة السينما العربية